كلمة الخرّيجين من المدرسة الحزبية المركزية (دورة ثورة أكتوبر) للرفيق محمد بزيع
الأمين العام للحزب الشيوعي اللبناني, الرفيق حنّا غريب,
سكرتير لجنة التثقيف المركزية, الرفيق غسان ديبة,
الرفاق الأساتذة, الرفيقات والرفاق في الحزب,
خرّيجي المدرسة الحزبيّة المركزيّة للعام 2017-2018, دورة ثورة أوكتوبر,
تحيّة رفاقيّة وبعد,
ليس سهلا أن أقف اليوم على هذا المنبر وقفة طارق بن زياد الحرجة هذه. غير أنّه لا عدوّ أمامي, بل جنينُ سيلٍ عارم الزخم يعتمل ويتهيّأ ليشقّ لنفسه في دروب النضال محاولةً.
أمّا ورائي فبحرٌ أو بحرُ حزبٍ هادرُ التاريخُ والضرورة لا يُدرَك لتطلّعاته أفقٌ ولا يحدُّ مشروعه شاطئ.
ولذا ليس لي إلا أن أتصرّف بسؤال حسن عبدالله وأسأل: من أين أدخل في الكلمة؟
أمن البدايات؟ أذكر حين وصلتُ إلى سؤال: لماذا تريد الانتساب للمدرسة الحزبية؟ (في طلب الانتساب) تملّكتني شهقةُ الاستدراك بأنّه بعد 170 عام على كتابة بيان إطلاق هذا المشروع و100 عام على أول ثورة له وعقود على انهيارها يتجمّع شباب لدراسة هذه الفكرة ويستعدون للانخراط بالعمل تحت لوائها. ثمّ سرعان ما تلتها ورفدتها على مرّ مقرّرات المدرسة شهقةُ الفهم أن الشيوعية ليس فكرة أو مشروعا استنفد نفسَه مثل ألعاب الفيديو حتى وصل مع عدد من التجارب غير الناجحة إلى هاوية الـ Game Over.
على العكس تمام أيّها الرفاق, يتأتّى لنا أن الشيوعيّة ليس سوى الجنين الذي تحمله الأرضُ وتتحضّر لإنجابه.
وليست آلام الكوكب بهذا التغيّر المُناخيّ العُضال سوى مخاض هذا الحَبَلْ.
ليست الأزمات الدوريّة للنظام الاقتصادي العالميّ سوى ركلات هذا الجنين اللّحوح على بطن الواقع.
وليست الحاجةُ الملحّة دوما والمتفجّرة أحيانا للثورة على استغلال البشر وعملهم والتحرّر مما يقيّد طاقاتهم وإنتاجيّتهم سوى اشتهاءات أمّنا الحُبلى والوحام.
ولذا ضروريٌّ أيتها الرفيقات والرفاق وجود قابلةٍ مؤهّلةٍ لتكتمل على يديها هذه الولادة.
وإن كان بالمستطاع الإستعانةُ بنتاج رفيقنا الشهيد مهدي عامل الضخم للإضاءة على ضرورة وكيفيّة لعب دور هذه القابلة فإنّي سأستعين بكلّ ذلك مُكثّفاً بجملة من شعر مهدي حين يقول: "لأمجّد عينيك أقول الأرض وأخطئ, هل للأرض ضرورة عينيك"
لمن سوى للحزب الشيوعيّ يمكن أن نقول هذه الجملة وأيّ حزبٍ يمكن أن يكسب شرف الضرورة هذه سواه؟ إن هو قام بما يترتّب عليه من مهام ودور في سياقنا هذا.
أقول "إن" وأشدّد على أداة الشرط حتى لا تسوّلنا أنفسنا الركون إلى لذّة الخاطابات الإنتشائيّة فنستقيل من دورنا وواجبنا مؤتزرين ذريعة "الحتميّة".
أمّا عن دورنا نحن كخرّيجين للمدرسة الحزبيّة المركزيّة فأكتفي بذكر ما سأحاول أن ألتزم به أو أصبو إليه في مسيرتي الحزبيّة:
أولا: الإلتزام بكلّ ما تنطوي عليه الكلمةُ من مشقّات أحيانا واشتقاقات:
فالإلتزام كلازمة لجهد الرفاق الأساتذة البحثيّ والأكاديميّ وسائر الموارد الحزبيّة التي استُثمرت بنا وتنتظر موعودةً ثمارها رفيقاتٍ ورفاقاً يؤدّون لحزبهم واجبات ومهام التثقيف وبثّ المعرفة وتطويرها في صفوف رفاقهم.
والإلتزام بعدم الاستكانة والاكتفاء بالمعرفة التي تلقّيناها إنما الاستمرار الدائم والسعي الحثيث لتطويرها وتحديثها وصقلها.
والإلتزام التنظيميّ. فإننا حُمّلنا زخما يُنتظر أن ننفخه في أرحام فرعيّات ومنظّمات ولجان الحزب لضخّ الطاقة الفتيّة والمتدفّقة فيها لتمتشق دورها وتفجّر إنتاجيّتها.
يرفد ذلك الإلتزامُ بالتنويع والإبداع في ابتكار التكتيكات الأنجع والأكثر فعالية لإتمام المهام وصولا لتحقيق الأهداف.
ثانيا: الخطاب العلميّ. أيّها الرفاق, بل أيّها الرفاق الشيوعيّون. والأخيرة هي الكلمة المفتاحيّة في هذ السياق. لأنّ الشيوعيّة ليست فكرا أُكملَ ولا آيديولوجيا تتجلبب جلباب الدوغما بل علماً, علمَ التاريخ, علمَ تفسيره وعلمَ تغييره. فإنّ الشيوعيّ إذن بالتعريف والضرورة هو ممارس هذا العلم والمؤتمن على إنتاج معرفته وصقل منهجه. لا يعوذ بالبديهيّات, لا يركن للعفويّة ولا يُؤخذ بالشائع من السرديّات. بل يُعمِل علمَه الذي هو شيوعيّته في إنتاج النظريّة وقبل ذلك ينبري لاجتراح أدوات إنتاج هذه النظريّة. متذكّرا دوما أنَ الثابت في علمه هو حركته. وأن لا شرط أو قيد على أفكاره باستثناء علميّتها.
ثالثا: الشيوعيّ في المجتمع. بقدر ما يبدو هذا العنوان عقائديّا إلا إنه على العكس من ذلك تماما لا يطمح إلى أكثر من كسر قيود المفاهيم الدوغمائية التي تقيّدنا وتُسقط علينا. ولئن كان ما نتعرّض له "كيّا للوعي" فإنه قد آن الأون لجعلكةٍ حميدةٍ لهذا الوعي. تكون بأدبيّاتنا ولغتنا المخضّبة بالعلميّة وسلوكنا المرتكز على قيم النبل والنزاهة والإنضباط والإيثار والتصميم والحريّة المتمايزة عن ضيق النزعة الفرديّة والرافدة في نهاية المطاف صلابةَ العمل الجماعيّ. وأن نبذل الجهد لبناء أنفسنا أفرادا منتجين بل متميّزين في ميادين عملهم وحيواتهم الخاصة كما الحزبيّة. كي نستحقّ عندئذ قول رفيقنا بابلو نيرودا: "نحن فضّة الأرض النقيّة, معدن الإنسان الحقّ".
أيها الرفاق, بل أيها الرفاق الشيوعيون. والأخيرة دوما هي الكلمة المفتاحية في هذا السياق. لو كان لي أن أقول جملة واحدة اليوم لكانت: أيها الرفاق, لنكمل الدرب لا بعظمة الميراث بل بقوّة الإكتساب.
وأخيرا فكلّ الشكر للأساتذة الرفاق جهدَهم وعملهم الدؤوب وحرصهم على حسن إعدادنا ووجودهم دوما بجانبنا للإجابة على الأسئلة الكثيرة. والشكر موصولٌ للحزب وقيادته التي أتاحت لنا هذه الفرصة والتي نأمل أن تبقى وتزيد في دعمها للعمل الحزبيّ وأن تظلّ ممارسةً وحارسةً لفكرة النهر في حزبنا.
Data
Title: كلمة الرفيق محمد بزيع باسم الخرّيجين من المدرسة الحزبية المركزيةLink: http://www.lcparty.org/index.php?option=com_content&view=article&id=17064:2018-08-31-08-08-05
Source: الصفحة الرئيسية
Organization: wmatta@assafir.com (الادارة)
Date: August 31, 2018 at 10:02AM
Actions
Translate original to: En | Es | Fr | De | Pt | Gr | Ca | +Share original with: Twitter | Facebook | Google +
Labels: Lebanese Communist Party, Lebanon, Parties