بيان صادر عن قيادة بيروت الكبرى في الحزب الشيوعي اللبناني
أزمة الخاص بين جشع المؤسسات التربوية الخاصة وتواطؤ الدولة وبطالة المعلمين
منذ إقرار القانون 46 ونفاذه من تاريخ 20 آب 2017، حاولت المؤسسات التعليمية الخاصة، الدينية وغير الدينية، كل الاساليب لتجنب تطبيقه والتهرب من مفاعيله. وبالتالي فرض سابقة قانونية جديدة تسمح بفصل التشريع بين الخاص والعام. وقد استخدمت لهذا الغرض، بدايةً، الطعن بأحقية الدرجات الست للقطاع الخاص، وحرمان حوالي 700 متقاعد من تعويضاتهم لأشهر، تمنع الأب بطرس عازار عن أحقية الدرجات الست، ولم يفرج في صندوق التعويضات للمعلمين المتقاعدين الا عن مبلغ زهيد، الذي اقتصر على السلسلة، دون الدرجات الست. وحاولت بعد ذلك ممارسة كل أشكال الضغط السياسي على الجهات الرسمية والدينية، بمساندة ودعم من وزير التربية، بهدف تعديل القانون بحيث يفسح في المجال أمام تطبيقه بشكل مجتزأ، وتقسيطه على ثلاث سنوات. وقد ساقت حججاً من أن ميزانيات المدارس لا تستطيع تحمل كلفة هذا القانون، علماً أن المدارس الخاصة سمحت لنفسها، منذ بداية معركة السلسلة منذ حوالي ست سنوات، برفع الأقساط بنسبة تتخطى العشرة بالمئة سنوياً، بحجة أنها ملزمة لتطبيق القانون متى أقر. لكن هذه المحاولات باءت بالفشل، وبالتالي أصبحت هذه المدارس ملزمة قانوناً بتطبيقه.
للأسف لعب وزير التربية دوراً سلبياً في هذه الأزمة، إذ سمح لأصحاب المؤسسات التربوية بالمماطلة في تطبيق القانون، على أمل إلغائه أو تعديله. كما ساهم في خلق إشكاليات عدة من خلال حماية مصالح المؤسسات التعليمية الخاصة، بدل إلزامها بتطبيق القانون، والعمل على إنصاف الجسم التعليمي وحمايته من خلال مراقبة موازنات المدارس الخاصة. كل هذه الأزمات أدخلت المعلمين والأهالي والجسم التعليمي في حالة من الإرباك والتنافر والنزاع.
اشترطت المؤسسات التربوية، من أجل إيفاء الدرجات الست، فرض زيادات هائلة وغير مبررة على الاقساط. لكن، استطاعت بعض لجان الأهل من القيام بدورها المراقب، وامتنعت عن التوقيع على الموازنات المضخمة والزيادات المبالغة بحجة السلسلة، وصولاً إلى تجميد هذه الزيادات عبر رفع دعاوى لدى قاضي الأمور المستعجلة (حالة المدارس الفرنسية). وكل هذا في انتظار تشكيل المجالس التحكيمية، التي لم يعين أعضاءها بعد، وهي الجهة المخولة البت في النزاع بين الطرفين، وإصدار حكم ملزم في القضية. ما أدى الى حالة من الإرباك والمواجهات بين الأهل المتمنعين عن السداد، وبين المعلمين الذين لم يجدوا سبيلاً آخر سوى اللجوء الى حقهم الطبيعي في الإضراب. هكذا، وجد المعلمون أنفسهم في وضع محرج، بين إدارة المدارس التي ربطت بين زيادة الأقساط من جهة، وتطبيق القانون 46 من جهة اخرى. وكان لكل محاولات المؤسسات الخاصة هدف وحيد، هو زيادة التوتر، وإثبات أن القانون غير قابل للتطبيق ويشوبه الكثير من المشاكل، وبأن نتائجه ستكون كارثية على القطاع التعليمي الخاص. علاوة على ذلك، إتخذت هذه الإدارات إجراءات تعسفية بحق المعلمين، كحرمانهم من حقوقهم المكتسبة قبل القانون 46، وصولاً الى الصرف التعسفي والحرمان من التعويض. بينما تجدر الإشارة هنا، إلى أن بعض المدارس الصغيرة الحجم والمحدودة الموارد، قد سبقت وأنصفت معلميها عبر تقديم زيادات منطقية، بعكس تلك المؤسسات الأكبر حجماً، والأكثر ملاءة مالية.
في الواقع، تتسلح المؤسسات الخاصة – قبل حلول تاريخ 5 تموز من كل عام – بالقانون رقم 29 الذي يخولها طرد من تشاء من أعضاء الهيئة التعليمية. واللافت في نهاية هذه السنة الدراسية، تلك الأعداد الكبيرة من للمعلمين المصروفين من الخدمة الذين بلغوا حوالي 500 معلم. بينما هناك عشرات المدارس التي طبقت القانون دون الحاجة إلى اللجوء إلى الطرد التعسفي.
شكلت قضية المدارس المجانية التابعة لجمعية المقاصد الخيرية الإسلامية في بيروت أزمة حقيقية، من خلال إقفال سبعة مدارس في القرى، وبالتالي طرد عدد كبير من المعلمين الذين تلقوا خبر فصلهم، بشكل مفاجئ، عبر LibanPost. بالإضافة الى إقفال وبيع مدرسة خديجة الكبرى في بيروت. وتجدر الإشارة إلى أن أزمة المقاصد هي أزمة مالية وإدارية قديمة، وهي لم تستجد بسبب تطبيق القانون 46، كما يتم الترويج له إعلامياً. فمنذ سنوات والمدرسة تعاني من ضائقة مالية أدت إلى تخلفها عن تسديد مستحقاتها للصندوق والتي بلغت حوالي 11 مليار ليرة لبنانية، وذلك بالرغم من اقتطاع المبالغ المترتبة للصندوق على المعلمين.
فما هي حقيقة أزمة مدارس المقاصد؟ وعلى من تقع المسؤولية؟ لمصلحة من يتم بيع عقار مدرسة خديجة الكبرى؟ والأهم من ذلك كله، ما مصير المعلمين المصروفين من الخدمة (حيث البطالة في إنتظار أكثر من 500 عائلة)؟ وهل سيتم دفع التعويضات المستحقة لهم؟ هذه مجموعة من الأسئلة التي نضعها في متناول المسؤولين المعنيين.
وأخيراً، في بلد يعتمد فيه تشريع وتطبيق القوانين على معايير متعددة؛ في بلد لا يملك رؤية ومشروع تعليمي لكل أبنائه، وحيث التعليم الرسمي الى تراجع وإهمال، والمدارس الخاصة الى المزيد من السيطرة والشجع؛ في بلد يفتقد إلى العدالة الاجتماعية ومبدأ تكافؤ الفرص، يسمح فيه بتفلت القطاع الخاص من أي رقابة ومحاسبة؛ يبقى السؤال الأهم: من يحمي المعلم من الصرف التعسفي ومن المادة 29؟ ومن يؤمن الحياة المحترمة والكريمة لـ 500 عائلة في هذا الوضع الاقتصادي المزري ومن يحمي حقوقهم؟ هل تستطيع نقابة المحاصصة الطائفية والحزبية والمؤسساتية الخروج من كل تناقضاتها وتأمين الحماية للمعلم وضمان استمرارية عمله؟ لقد استطاعت لجان الاساتذة في المدارس الفرنسية الاستفادة من هامش الديمقراطية داخل مدارسها والتنسيق فيما بينها لاعلاء الصوت والاضراب والمطالبة بتطبيق القانون وهكذا فعلت الIC، لكن ما مصير المدارس الكاثولكية وغيرها من مدارس دينية، حيث الطرد التعسفي بانتظار كل طالب حق.
في ظل هذا الواقع المأزوم، على معلمي الخاص التكاتف جميعاً بعد مرور سنة مضنية وصعبة مليئة بالوعود والطعون، لخلق تيار واسع عماده التضامن بين لجان المعلمين، والتأكيد على تحيّد المعلمين عن حالة التخبط بين لجان الأهل وإدارات مدارسهم، الضغط على وزير التربية لفرض تطبيق القانون ومحاسبة المدارس المتخلفة. إعلان أسماء المؤسسات الرافضة لتطبيق القانون. الضغط على نقابة معلمي الخاص للعدم التفاوض أو التنازل عن أي حق من حقوق المعلمين. نحو موجة غضب عارمة تفرض تطبيق القانون ال46 وإنصاف المعلمين وحمايتهم من خلال إلغاء القانون 29، كشروط أساسية لبدء سنة دراسية منتجة للجميع الاطراف.
بيروت 12_7-2018
Data
Title: "الشيوعي": أزمة الخاص بين جشع المؤسسات التربوية الخاصة وتواطؤ الدولة وبطالة المعلمينLink: http://www.lcparty.org/index.php?option=com_content&view=article&id=16583:2018-07-11-19-42-21
Source: الصفحة الرئيسية
Organization: wmatta@assafir.com (الادارة)
Date: July 11, 2018 at 09:33PM
Actions
Translate original to: En | Es | Fr | De | Pt | Gr | Ca | +Share original with: Twitter | Facebook | Google +
Labels: Lebanese Communist Party, Lebanon, Parties