الوصاية السياسية وأزمة العمل النقابي

◾️كلمة التيار النقابي المستقل التي القاها الأستاذ جورج سعادة في الغداء السنوي بمناسبة عيد المعلم:
أيها الحفل الكريم
أهلا وسهلا بكم في الغداء السنوي للتيار النقابي المستقل بمناسبة كريمة هي عيد المعلم. والمعلم عطاء لا ينضب، وبذل بلا حدود.. إنه المربي الذي يحول البيئة الصفية إلى واحة إنسانية عندما يُلامس الأعماق الوجدانية والفكرية والنفسية لتلامذته احتضانًا وتصويبًا وتنشئةً وتوجيهًا.وهو المثقف المواكب لثقافة عصره، ، والمُمْتهِن للتعليم المطّلِع النهم على الأحداث . إنه التربويّ المتجذر في منظومة القِيًم الأرقى، و المنخرط بالعمل الاجتماعي والوطنيّ، المُتطلِّع إلى بناء وطن يستشفّ خيوطه الملونة من عيون تلامذته الحالمة بغد أفضل.
• هو الملتزم بالعمل النقابيّ لأن الحقوق أكثر من مجرد مكتسبات، والحراك النقابي يحفّز التطوير المهنيّ، وهو التزام فكريّ وأخلاقيّ بما هو مساحة حرية تصدح فيها الأصوات الحرة والمستقلة.
أيها الزملاء والزميلات
شهور مضت على تطبيق سلسلة الرتب والرواتب المسخ والأساتذة والمعلمون في التعليم الرسمي ينتظرون تصحيح الغبن اللاحق بهم، في حين يعاني معلمو التعليم الخاص الأمرّين من أجل تطبيق السلسلة بكل بنودها عليهم. وعند اقرار هذه السلسلة هللت روابط المعلمين والأساتذة ونقابةُ معلمي الخاص لها، شاكرة السلطة وأحزابها على هذا الانجاز العظيم. ظلّت قيادات هذه الروابط تملأ الدنيا ضجيجًا ومزايداتٍ على مدى ثلاث سنوات وهي تعدنا بالحقوق والموقع الوظيفي(خاصة قيادة رابطة الثانوي) ليتمخض هذا الضجيج فَيَلِدُ هذه السلسلة المسخ .
أما التيارَ النقابي المستقل فقد نبّه يومها إلى ضرورة الإسراع بتصحيحها على نحوٍ يضمن الحقوق أسوةً بكافة القطاعات، ويعيد المكتسباتِ المهدورةَ.
فأين تجلى ضرب السلسلة للحقوق وللمكتسبات التاريخية؟
أولاً، على الصعيد المالي:
١- خسارة المفعول الرجعي لهذه السلسلة منذ ٢٠١٢/١/١ اسوةً بالقضاة وأساتذة الجامعة اللبنانية الذين حصلوا على هذه السلسلة ذاتِها منذ نهاية ٢٠١١، كون الدستور يساوي بين المواطنين بالحقوق والواجبات (خسارة كل موظف ما بين ٥٠ مليون و١٥٠ مليون ل.ل.).
٢- خسارة أساتذة التعليم الثانوي العشر درجات ونصف الدرجة التي تعطيهم موقعهم الوظيفي ( أي الـ٦٠٪، وهي حقهم منذ ١٩٦٦) وذلك بحصولهم على حوالي ٨٦٪ من أصل حقهم وهو ١٢١٪، أي خسارة ٣٥٪، ما يعادل العشر درجات ونصف الدرجة، علماً أن موظفي الادارة العامة فئة ثالثة قد حصلوا على حوالي ١٣٠٪، وهو حقهم.
٣- الخطيئة الكبرى تجسدت في قبول قيادات هذه الروابط بالدرجات الست الاستثنائية من خارج اساس الراتب يستفيد منها من هو بالخدمة عند نشر قانون السلسلة، مما يعني أن أي أستاذ سيدخل الى التعليم بعد نشر هذا القانون لا تحق له هذه الدرجات الست،
٤- خسارة معلمي التعليم الأساسي موقعهم بالتعيين حيث أصبحوا يعينون على الدرجة ٩ بدلاً من الدرجة ١٥، ليبقى تعيين الأستاذ الثانوي على الدرجة ١٥، فهل كان المطلوب ضرب موقع زملائنا في الأساسي؟ ألم يكن أفضل رفع الثانوي الى الدرجة ٢٥ لنحافظ على موقعه الوظيفي وتحصينه وربطه بأستاذ الجامعة اللبنانية؟
أين الحقوق؟ ضاعت؛ وأين الموقع الوظيفي؟ طار؛ وأين المكتسبات التاريخية؟ على طور الانقراض.أهكذا تحافظ هذه القيادات النقابية على الأمانة التي تسلمتها؟
٥- عدم تطبيق كامل بنود السلسلة على معلمي الخاص (عدم اعطائهم ال٦ درجات) بحجة أن هذه السلسلة تتعدى قدرة المدارس الخاصة على تنفيذها ( علماً أن هذه المدارس فرضت زيادات على الأهالي منذ ١٩٩٦ بمعدل ٤٠٠٪؛ وحق المعلمين لا يتعدى ال١٠٠٪). واندفع حيتان المدارس الخاصة بكل وقاحة يطالبون الدولة بتحمل هذه الزيادة.
ثانياً: في الصعيد المعنوي وحفظ كرامة المعلم:
١- كما تعلمون بدأت بوادر تطبيق "تقويم الرئيس لمرؤوسه" تتسلل الى الادارات( تطبيقاً للمادة ٣٥ من السلسلة)، وكان التيار التقابي المستقل قد طالب بالغاء هذه المادة حفاظاً على كرامة الموظف وحمايةً للعمل النقابي والمطلبي.
٢- بدأت هذه السلطة بالتعدي على التقديمات الاجتماعية ( بالتلويح بالغاء منح التعليم للأساتذة والمعلمين) عملاً بالمواد ٣١ و٣٣ من قانون السلسلة، وكان التيار النقابي المستقل قد حذر من خطرهما.
٣- استمرت هذه السلطة بسياسة التعاقد في كافة القطاعات سعياً لتنفيذ التعاقد الوظيفي تلبيةً لمقرارات باريس٣(وتوطئةً لباريس ٤ القادم)، ان التيار النقابي المستقل يطالب بتعزيز الملاك وإلغاء بدعة التعاقد.
٤- الاعتداء على حقوق المتقاعدين في المادة ٤٣ من الموازنة العامة بحجة خفض العجز، نقول لهذه السلطة أن خفض العجز لا يكون بالاعتداء على الحقوق، بل بوقف الهدر والفساد ووضع نظام ضريبي عادل يطال حيتان المال.
امام هذا الواقع السيئ الذي وصلنا اليه ووصل اليه العمل النقابي بسبب خضوع القرار النقابي للوصاية السياسية ، وبخاصةٍ لهيمنة أحزاب السلطة حيث أصبحت أحزاب السلطة تمسك بالقرار السياسي في السلطتين التشريعية والتنفيذية وكذلك بالقرار النقابي، مما عرَّض حقوق الناس وكراماتهم للانتهاك،يطالب التيار النقابي المستقل باستعادة القرار النقابي المستقل الذي يعيد للعمل النقابي دوره وفعاليته في حماية الحقوق والكرامة، ايماناً منه أن دور العمل النقابي هو مقارعة السلطة لانتزاع الحقوق وحماية المكتسبات .
ان التيار النقابي المستقل الذي حمل الأمانة عشرات السنين، حافظ عليها وعزَّزها بانتزاع الحقوق وزيادة المكتسبات وصون الكرامة، ان التيار النقابي تياركم يعدكم أنه سيناضل في سبيل تحقيق الأمور التالية:
أ- استعادة الموقع الوظيفي لاساتذة الثانوي ولمعلمي التعليم الأساسي وهو حق لهم منذ حوالي ٥٠ سنة.
ب- استعادة المفعول الرجعي لهذه السلسلة منذ ٢٠١٢/١/١ اسوةً بأساتذة الجامعة والقضاة.
ج- ادراج الدرجات الست الاستثنائية في أساس الراتب.
د- انصاف الأساتذة المتمرنين في كلية التربية واعطائهم حقوقهم كاملةً تطبيقاً لقانون السلسلة ( هؤلاء الأساتذة تعرضوا لأقصى درجات التعدي والاهانة بسبب من تخلي قيادة رابطة الثانوي عنهم).
ه- السعي من أجل اجراء مباراة في مجلس الخدمة للتعليمين الأساسي والمهني، وكذلك في الادارة العامة لوقف بدعة التعاقد وتعزيز الملاك، وجعل هذه المباراة دورية كل سنة لملء اي فراغ ينشأ.
و- التوكيد على وحدة التشريع، ورفع الغبن الحاصل بين افراد الفئة الواحدة. ويؤكد التيار النقابي المستقل على حق معلمي المدارس الخاصة بالسلسلة كاملة اسوةً بزملائهم في التعليم الرسمي، كما يؤكد على رفض تحمل الدولة لهذه الزيادة في المدارس الخاصة، ويطالبها بتعزيز التعليم الرسمي وتطويره.
ح- مواجهة أي اعتداء على المتقاعدين والسعي لاستعادة تعويض نهاية الخدمة على أساس ال١٠٠٪ من الراتب الأخير.
ان التيار النقابي المستقل يدعو كل الأساتذة والمعلمين والموظفين الاداريين الحريصين على الحقوق والمكتسبات والكرامة لرص الصفوف ، حزبيين كانوا أم مستقلين، من أجل استعادة القرار النقابي المستقل.
أخيراً وليس آخراً ان الناس ستحاسب هذه القيادات النقابية التي تخلت عن دورها في حماية الحقوق والكرامة لتبرر سياسة أحزابها في هذه السلطة الفاسدة.
بيروت في ٢٠١٨/٣/١٨

 

Labels: Lebanese Communist Party, Lebanon, Parties